في صباح دموي جديد، استيقظت غزة على أزيز الطائرات الإسرائيلية التي واصلت قصف القطاع، فيما أعلن جيش الاحتلال استمرار عملياته العسكرية التي أوقعت 8 شهداء وجرحت العشرات. طلب الاحتلال من سكان القطاع عدم الاقتراب من محور نتساريم، ما زاد من شعور القلق لدى الغزيين بأن اتفاق التهدئة على وشك الانهيار.
لكن المشهد تبدل تمامًا ظهر اليوم، حين أعلنت حركة حماس عن تسليم ثلاث أسيرات إسرائيليات للصليب الأحمر، كأحد بنود اتفاق الهدنة. وفي المقابل، بدأت مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات والمواد الغذائية بالدخول إلى غزة، معلنة بدء تنفيذ الاتفاق. كما أعلنت إسرائيل أنها ستفرج عن 90 أسيرًا فلسطينيًا، ما أشعل أجواء الفرح في القطاع لأول مرة منذ أكثر من 15 شهرًا من الحصار والدمار.
زغاريد بعد 450 يومًا من الجنازات
لأول مرة منذ الحرب التي بدأت قبل 15 شهرًا، شهدت شوارع غزة زغاريد النساء وأصوات الفرح تعلو في كل مكان. بعد أكثر من 450 يومًا من العزاءات والجنازات الجماعية، امتلأت شوارع القطاع بمظاهر احتفال بسيطة رغم الخراب الكبير. الأطفال خرجوا يحملون أعلام فلسطين، بينما علت التكبيرات من المساجد، واحتشد الناس أمام المنازل التي استقبلت أقاربهم المفرج عنهم.
صمود أسطوري في وجه العدوان
في بيانها اليوم، أعلنت حركة حماس أن غزة صمدت لمدة 15 شهرًا في وجه واحدة من أعتى الحروب التي واجهتها. وقالت الحركة: "لقد أثبت أهل غزة للعالم أن المقاومة ليست فقط بالسلاح، بل بالصبر والصمود، فالعالم يجب أن يقف على قدمه احترامًا لشعب غزة الذي تحمل الدمار والجوع والحصار طوال هذه الفترة".
الحرب التي بدأت بعد عملية "طوفان الأقصى" تسببت في تدمير 90% من منازل القطاع، واستشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني، لكنها لم تنجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
كتائب القسام تتصدر الترند
على منصة "إكس"، تصدرت كتائب القسام قائمة الترند، حيث احتفى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالاتفاق باعتباره انتصارًا جديدًا للمقاومة رغم الجراح. قال أحد النشطاء: "بنود الصفقة تثبت أن المقاومة انتصرت، رغم آلاف الشهداء، ورغم هدم غزة بالكامل. هذا الانتصار يُسجل في تاريخ الأمة".
تداول المغردون صورًا للمقاومين من كتائب القسام وهم يسلمون الأسيرات الثلاث، مرفقة بعبارات الشكر والفخر.
بداية جديدة
اليوم هو أول أيام التهدئة، لكن الأمل يتجدد بأن تكون هذه الخطوة بداية لإعادة إعمار غزة ورفع الحصار عنها. وبينما عادت الحياة تدريجيًا إلى القطاع، يظل الصمود الأسطوري لأهالي غزة نموذجًا يُحتذى به، ورسالة للعالم بأن شعبًا تمسك بحريته لن يُكسر أبدًا.